cover

مجلة أصول الشريعة للأبحاث التخصصية

تعريف بالمجلة :

مجلة أصول الشريعة للأبحاث التخصصية (JSFSR)، مجلة علمية محكمة مفهرسة بالرقم التسلسلي القياسي الدولي للمجلات العلمية الأكادمية المحكمة (e-ISSN: 2289-9073)، تصدر كل ثلاثة أشهر.
تختص المجلة بالأبحاث، والمقالات، والأوراق العلمية ذات الأصالة والإبتكار الملتزمة بالمنهجية العلمية، وأخلاقيات البحث العلمي.
تهدف أن تكون منصة للباحثين و نقطة إلتقاء للباحثين لعرض القيم و المواضيع المختلفة للعلوم القانونية و الدراسات النظامية، وربطها بأصول الشريعة، ولتحديث و التعزيز ودعم التطوير العلمي للمواضيع النظامية المعاصرة المرتبطة بأصول الشريعة التي تخدم المجتمع وتضمن قوة و إحترام الهوية الإسلامية في مختلف المجالات العلمية – الإجتماعية - الإقتصادية



نقد المتون بين المشروع والممنوع


ما زالَتْ مباحِثُ نقدِ مُتونِ السُّنةِ النَّبويَّةِ تأخذُ الحَيِّزَ الأكبرَ مِنَ الحديثِ والجَدلِ بينَ كثيرٍ مِنَ العُلومِ الشَّرعيةِ الأخرى، وهذا يدلُّ على أنَّ هذا الجانبَ ما زالَ متعطشًا للبحثِ والدِّراسةِ، وأنَّ غضَّ الطَّرفِ عنه والتَّعامِي عَنْ مستجدَّاتِه سيُوقِعنا في حرجٍ شديدٍ في المستقبلِ؛ فهو عِلمٌ متجدِّدٌ؛ فما كان مسَلَّمًا به بالأمس قد يصبحُ مشكِلًا في زماننا هذا والعكس، فمفهومُ النَّقدِ وتطبيقاتُهُ لم تعدْ كمَا كانتْ بالأمسِ، فمعَ مرورِ الزمنِ اختلفَ المفهومُ والتطبيقُ تبعًا، وأخذَا أبعادًا وأشكالًا خرجت بهما في أحايينَ كثيرةٍ عن الضَّوابطِ والقواعدِ الَّتي سارَ عليها العلماء؛ فلقد مرت عملية نقد متون السُّنةِ النَّبويةِ بمراحلَ زمنيةٍ؛ رسمَتْ لنا صورةً واضحةَ المعالمِ تؤهلنا للنَّظرِ في قواعدِ هذا الفنِّ وضوابطِهِ وتطبيقاتِهِ. واتخذَ النَّقدُ فيها أشكالاً وأبعادًا مختلفةً عمَّا كان قبلَ ذلك؛ فهناك الطريقة العلمية الرَّصِينة في ممارسة النَّقدِ معَ المحافظة على مكانة السُّنةِ النبويَّةِ ومنزلتِهَا، بينمَا يخط البعض الآخر لنفسه مَنهجًا جديدًا لا يستند إلى قواعدَ أو ضوابطَ علميةٍ يمكنُ تطبيقُهَا والاعتمادُ عليهَا. وحتَّى تنضبطُ عَشوائيَّةُ النَّقدِ، ونحصلُ على التَّوازنِ المطلوبِ كانَ لا بدَّ من وضعِ مساحاتٍ واسعةٍ لممارسة الاستشكالِ المبدئيِّ، ومِساحاتٍ ضيقةٍ ومقيَّدَةٍ لممارسةِ النَّقدِ الحدِيثيِّ؛ وذلكَ حَكْرًا لمنْ توافَرتْ فيهِ شروطٌ وانتفتْ عنهُ موانعُ، فكُلُّ عِلمٍ له أهله وله حَرَمُهُ وحُدودُهُ، وهذا ما يُقِرُّه العقلُ والمنطِقُ، وتتَّفقُ معَهُ جميعُ العلومِ والفِطرُ السَّليمةُ. لذا ستتناولُ هذِهِ الورقةُ تحريرَ مفهومِ النَّقدِ، وبيانَ إشكالاتِ المفهومِ والتطبيقِ، مع بيانٍ لأبرزِ المرَاحلِ الَّتي مرَّ بها نقدُ الحديثِ، ومناقشةِ مبرِّراتِ النَّقدِ المشروعةِ والممنوعةِ، ورسمِ مساحاتٍ واسعةٍ لممارسَةِ الاستشكالِ وتطبيقاتِهِ؛ تضيَّقُ شيئًا فشيئًا؛ بحسب صلاحيةِ المبرِّرِ، وأهليةِ الناقدِ.