يحدد هذا البحث أهداف ومقاصد سورة الزمر وتحليلها للوصول الى الأبعاد التربوية في نفوس المسلمين القائمة على فضل الله تعالى هذه السورة تكاد تكون مقصورة على علاج قضية التوحيد. وهي تطوف بالقلب البشري في جولات متعاقبة، وتوقع على أوتاره إيقاعات متلاحقة، وتهزه هزًّا عميقاً متواصلاً؛ لتطبع فيه حقيقة التوحيد، وتمكنها، وتنفي عنه كل شبهة، وكل ظل يشوب هذه الحقيقة. كلنا يعلم ان القرآن الكريم كل لا يتجزأ فأوله متصل بأخره, يفصل ويفسر بعضه بعضاً, وليس هذا فحسب انما السورة الواحدة عبارة عن كتلة واحدة مترابطة ومتماسكة, وقد تعالج موضوعاً واحداً او اكثر ولكن بنفس الاتصال, السورة التي بين ايدينا تكاد تكون مقصورة على قصد واحد وهو التوحيد, وهي قضية مهمة واساسية في حياة الانسان, لأنها تقرر مصيره الى السعادة او الى الشقاء, فهي ذات مقصد واحد متصل من بدئها الى ختامها في سور عديدة ومتنوعة. إن الوقوف على مقاصد الشريعة ومعرفة عللها وأحكامها، والتي هي جزء من المقاصد القرآنية، يجعل النفس تطمئن بمباشرة اليقين والاستبصار، بعيدا عن أي ظن، لأن مصدرها العليم الخبير، فبين المقصد من خلق الإنسان، وبما أن العبادة قائمة على وجود الإنسان وبقائه حيًّا، وبالتالي، فالمقاصد القرآنية تنقسم إلى ثلاثة أقسام قسم متعلق بالله وتوحيده، وقسم متعلق بمن سيوحد الله ويعبده، وقسم متعلق بمكان الإنسان واستمرار حياته وما يضمن سلامته، ولكي تتحقق لدى الإنسان المقاصد الثلاثة لا بد من الالتزام بشعائر الإسلام والعمل الجاد بالعقيدة الصحيحة، ليس شعارا يرفع، لا ليخدم أهدافا سياسية واقتصادية أو فكرية، أو مصالح ذاتية فحسب، وإنما قائم على مجموع مصالح الإنسان عموما، فلا بد من توافق وترابط المقاصد القرآنية بدرجاتها الثلاث بعضها ببعض وهي: الضرورية، والمتمثلة بحفظ الدين، والنفس، والعقل، والعرض، والمال، والحاجيَّات التي ترعى المقاصد الخمسة، ومن ثم المصالح التحسينية التي تكمل الضروريات والحاجيات. الكلمات المفتاحية