الأصول التي بنى عليها الإمام محمد بن سيرين آراءه واجتهاداته الفقهية من خلال كتاب "المغني" لابن قدامة

د. أنور محمد علي سعيد

الإمام محمد بن سيرين علم بارز من أعلام التابعين، وأحد الفقهاء الذين بلغوا درجة الاجتهاد، برع ونبغ واشتهر في علوم القرآن، والقراءات، والتفسير، والحديث، والرجال، والفقه، والقضاء، وأحد الأعلام الذين يشار إليه بالبنان في الحفظ والإتقان، شهد له بالإمامة في العلم أقرانه وأهل الفضل في زمانه، كان شديد الحرص على اتباع الدليل، وكانت له آراء واجتهادات في كثير من المسائل الفقهية، والتي كانت محل اهتمام كبير لدى تلامذته وكل من جاء بعده من العلماء والفقهاء، فقد أخذوا أقواله وفتاويه بعين الاعتبار، ودونوها في مصنفاتهم وكتبهم، ومنهم العلامة الموفق ابن قدامة المقدسي في كتابه "المغني"، ومن خلال معرفة اجتهاداته وآرائه الفقهية وتتبعها، وقفت على الأصول التي اعتمد عليها في الاستدلال واستنباط الأحكام، وهذه الأصول، منها ما هو محل اتفاق عليها، وهي المصادر الأساسية للتشريع، والمتمثلة: بالقرآن الكريم والسنة النبوية والإجماع والقياس على أصل. ومنها: ما هو محل خلاف بين الفقهاء والأصوليين، وهي: الاستحسان، وقول الصحابي، والاستصحاب، وسد الذرائع، وكان اعتماده على هذه الأصول المختلف فيها قليل، فلم يكن يأخذ بها إلا إذا تعذر عليه إيجاد حكم للمسألة من مصادرها الأصلية، مهتدياً في كثير من آرائه بالنصوص النقلية، فقد كان-¬- ينكر على كل من خالف السنة أو جهلها برأيه المجرد، كما كان يكره العمل الذي فيه مخالفة للسنة.